أسعد عطاري
كنت في طفولتي أبحر كثيرأ في أحد المقاطع الشعرية التي تتزين في أحد قصائد الشاعر الفلسطيني أحمد دحبور والذي يقول به " لأن الكف سوف تلاطم المخرز" , فكنت أتسائل كيف للكف أن تلطم المخرز ؟ وما الفرق بين لطم المخرز للكف , ولطم الكف للمخرز ؟؟ , كانت اسئلة ساذجة في عقل طفل صغير لم تتفتح مداركه على الحياة بعد ليعي ما يجري حوله من الأمور والمكائد التي تحاك لتوقع بابناء جلدته ولتنسف وطنه وتستهدف تاريخه , فبعد ان مرت الايام وتسارعت الاحداث اصبح عقل ذاك الطفل يتلمس النور ليبصر ما يدور حوله جاهداً الى ايجاد اجابة لبعض الأسئلة التي كانت تداهم افكاره في كل يوم.
ففي الوقت الذي ينتصب به مخرز السجان وتشهر بندقيته وسبطانات مدافعه وفي الوقت الذي صمت به انظمتنا اذانها وابكمة افوهها اتجاه الظلم والغطرسة الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني كان لابد لليد أن تلطم المخرز ! , وهذا ما اكد عليه اسرانا البواسل في صمودهم امام غطرسة الإحتلال الصهيوني وتركيعه واجباره على الانصياع لإرادتهم وهم عزل خلف القضبان .
فان ما اكد عليه الأسرى البواسل باضرابهم المتواصل عن الطعام ولأيام طويلة لم يستطيع أي شخص بالعلم أن يحتملها ما هو الا تأكيد على حتمية النصر والتحرير , وتأكيد على أن ارادة السجين المقيد أقوى من ظلام الليل ومن جبروت السجان .
فاليد المقيدة عندما يعجز المخرز عن تطويعها كأنما تلاطمه بقوة اكثر من الكسر , فإرادة اسرانا ومعنوياتهم العالية وكرامتهم التي تزاحم عنان السماء , اقوى واعمق من ظلم وجبروت الغطرسة الصهيونية لانها مبنية على الإيمان وواثقة من حتمية النصر والتحرير.
فصمود اسرانا ليست هي الحالة الأسطورية الأولى في تاريح شعبنا , فصفحات الصمود والتحدي مليئة منذ ان أوجد الله هذا الشعب على هذه الخليقة , وقدت شهد المدن القديمة اثار الإحتلالات التي مرت من هنا و كيفما خرجت مدحورة فزقاقها وحجارتها واتربتها وبقايا بيوتها الطينية المتهدمه شهادة على ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق