مؤتة البندقية والقلم... حين تفقد كليهما
بقلم :ميشع مؤاب
لم يجانب الصواب الدكتور الحنيطي رئيس جامعة مؤتة حين صرح للإعلام أن الجامعة تحتضر , فهذا واقع لا مبالغة فيه. هو سرد روايته من منصبه وهو الذي تقع عليه العقبة المالية المتجذرة والمانعة للتفكير بسواها,أما هنا فسأسرد روايتي كطالب تنعكس عليه الضائقة المالية الخانقة في الجامعة بانعكاسها على المستوى الأكاديمي و الخدماتي والأهم البناء الفكري .
ما دفع مؤتة لهذا الانحطاط هو ضائقتها المالية بالدرجة الأولى , فالعجز المتراكم المتوارث أوقف دور الجامعة التنموي وامتدت أثاره إلى خلق خلل رهيب في المنظومة الجامعية ككل.فالموظفون دفعتهم الضائقة إلى الإضراب المفتوح الذي عطل الكثير من واجبات الجامعة تجاه المجتمع وطلبتها, ونفسها الضائقة دفعت أصحاب القرار إلى خصخصة بعض مرافق الجامعة الخدماتية مما حمل الطالب أوزارا جديدة , وأيضا فقد الطالب في مؤتة حقه في المشاركة بالندوات والمؤتمرات وأي نشاط لصعوبة تغطية مصاريفه وان كانت بسيطة بحجة الأزمة المالية.. فما نراه من فقر في الخدمات وتردي بمستواها يطرح كثير التساؤل عن كيفية صرف إيرادات الجامعة من رسومنا خاصة إذا علمنا إن 76% من الميزانية يتكفل بها الطالب
الجدير بالذكر أن 80 % من طلبة الجامعة حسب تصريحات الرئيس نفسه مبعوثون من جهات مختلفة وهذا مفرح , لكن المؤلم هو عدم وفاء هذه الجهات بالتزاماتها تجاه الجامعة الأمر الذي دفع الجامعة لزيادة الحمل على الطالب وتجاوز مبادئ العدالة والإنصاف بجعل ال 20 % المتبقية من الطلبة بالتكفل بسداد ما يمكن من رسوم المبعوثين بزيادة رسم الساعات وفرض رسوم فصلية تحت بند متفرقات لا تعرف لمن ولماذا تدفع؟
الطامة الثانية هي النتاج الأكاديمي والفكري في الجامعة, فحسب أحد أعضاء الهيئة التدريسية فإن 68% من الطلاب يتخرج بتقدير مقبول وللأسف فإن معظم الخريجين يعانون من نقص في الكم ألمعلوماتي والتطبيقي كل في تخصصه مقارنة بالجامعات الأخريات وهذا دليله تقبل سوق العمل لخريجي هذه الجامعات بشكل أوسع من خريجي مؤتة .
غياب النشاط اللامنهج صنع الفراغ عند الطلبة وجعل طاقاتهم المكبوتة تتفجر على شكل العنف الجامعي والمجتمعي, وما توالي أعمال العنف داخل الجامعة وفي محيطها إلا أثر لغياب دور الجامعة التوعوي ومحو دورها في صنع الفكر.
ولعل الحديث عن المشاكل أعلاه وان حاولنا اختصارها يقودنا للحديث عن حلول لها, فالمشكلة المالية تحل بخطوات جادة منها أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها اتجاه الجامعات وقيام الجهات الموفدة للمبتعثين بسداد ما يترتب عليها من رسوم جراء الابتعاث, ودفع الشركات الكبيرة في الكرك إلى تحويل تبرعاتها من الصناديق التنموية غير المراقبة خارج المحافظة إلى ميزانية الجامعة. والأهم من ذلك وفي ضوء ما نسمعه من شبهات فساد مسؤولين سابقين فالأولى فتح التحقيق واسترداد ما سلب من أموال الجامعة .
وعلى الجامعة أن تحافظ على الهيئة التدريسية ومنع تسربها إلى الخارج بتوفير ظروف اقتصادية أفضل ورفع سويتهم ودفعهم للتفاعل الايجابي وخلق حالة نقاش مع الطلبة لا مجرد التلقين,وتفعيل دور الاتحادات والأندية في خلق النشاطات اللامنهجية وهو السبيل لبناء فكر تطوعي عند الطلبة وهو الخلاص من وقت الفراغ المسبب للعنف الجامعي.
وإضافة على كل ذلك وهو الأهم حسب رؤيتي هو الإصلاح التعليمي الشامل من المدارس إلى الجامعات بناءا على خطط مستقبلية طويلة المدى تعيد النظر في مضمون المنهج وأسلوب تقديمه, وهذا الإصلاح الذي يجب أن يكون عنوانا بارزا بجانب الإصلاح السياسي والاقتصادي يجب أن يبدأ بإلغاء الفضيحة التاريخية المسماة بوادي عربة وإسقاط ما تبعها من انعكاسات على مضامين المناهج وعلى فكر وثقافة أجيال بكاملها.
ختاما, ما يحدث في جامعة مؤتة هو قلق وخطر, فمصادر مسؤولة صرحت أن السياسية الحكومية ستستمر في مسلسل الخصخصة القاتل ليطال هذه المرة مؤسسة تعليمية بحجم مؤتة, وما يحدث فيها ما هو إلا تمهيد لخصخصتها بحجة إحيائها,,وهنا نداء لكل معني أن مؤتة تقتل والخصخصة إعلان موتها وموت من فيها وهذا لا تحمد عقباه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق